It took me 2 months... or maybe even more... All this time I had to get back to Romania, to accept the fact that I may not be able to travel to Syria again this summer, to leave behind another life, to give up my summer plans, to move on, to miss everything and everyone, to speak Arabic to myself and to my cat that I brought back with me, to watch Al Jazeera every morning (trying my best to guess how much is reality from what I see and hear), to force myself not to make any comparation in between the country I just left, the country I'm now in and the country I will travel to in a few months.
Easter, law exams, family... that's all I've known since I've been back. I think I jumped from one reality to another.
Today i opened my blog for the first time in the last months and I realized how much I've missed it. I know I promised to write about my last days in Syria, about the Syrian uprising and the reality behind the news. And I will keep my promise in the next articles.
For now, I just want to say that my Year Abroad in Syria was an amazing experience, something that I would have never expected. It definately changed something and it added some more pieces to the puzzle that is, for me, the Middle East. I definately miss it and I will be back as soon as possible. I just hope things won't change or if they do, I pray that God will show the right path.
A surprise for my friends is the essay I wrote about the months that I had spent in Damascus. It is in Arabic for now, but I will also publish an English version next week.
Many thanks to a great friend and amazing brother, Anas Nashawaty, for all his help throught these months, for acting like a mum when he didn't have any other choice, for being there when I was very very ill, for listening and answering to all my questions, for showing me another face of Damascus, for all the great time we spent together. I wish everyone to have a friend like him.
And now enjoy:
أن تــكــون دمـشـقـيـاً
" أهم مايميز ملامح دمشق التاريخية في الشرق الأوسط بدون تهميش أو تبسيط للبقية هو في المركزية والتنويع والتعدد العميق فيها "
في هذا المجتمع المذهل المتنوع في تمازج التاريخ الطويل والثري والثقافة مع اللغات المختلفة تتبدى أمامنا متوسط الهـويـة , أنا أؤمن أن تكون دمشقياً هو انعكاس اختلافات ووحدة العالم العربي.
كل شيء بدأ في الشهر الثاني من تواجدي هنا في دمشق عندما بدأت الدخول إلى المجتمع الدمشقي صرت أفكر كثيراً بهذه العبارة "ماذا يعني أن تكون دمشقياً" , وبذات الوقت اخترت دمشق على الخصوص لأني أحب أن أكتب بتحدد أكثر من مي" " شو صار معك "شو صار فيك " لي للحديث العام عن الجمهورية العربية السورية كاملة.
الحياة في دمشق لأكثر من ستة أشهر جعلتني أضيع في رائحة القهوة الدlني أضيع في رائحة القهوة العربية التي بدأت منها كل الأحاديث التي أعطتني فرصه لاكتشاف ما وراء وجه المدينة الظاهر والأسرار والقصص خلف الأماكن التاريخية والدينية والإجتماعيه , وفي ذات الوقت قبلت ووافقت على كل الأحاديث مع الناس وكنت جائعة لأرى وجهات نظر مختلفة حتى أعرف أكثر وأتكلم اللهجة العامية الدمشقية ولكي أدخل في الحوارات الطويلة إلى أعماق المعاني والحكم , وهذه السطور التي أكتبها الآن هي نتاج الخبرة التي اكتسبتها وغيرتني بشكل جذري وغيرت طريقة تفكيري ونظرتي للحياة.
وقد رتبت هذه المعلومات بأفكاري وإحساسي الخاص من نظرتي أنا كإنسانه أجنبية في دمشق بين الدمشقيين.
الفخر بأنك دمشقي يأتي من أسباب وأفكار : التاريخ الطويل والخاص والثري والمرتبط بشراكة حقيقة مع الكثير الحضارات المتعاقبة في كل العصور , الأجواء والطقوس الدمشقية , اللهجة العامية المميزة , المجتمعات الدمشقية , تعايش السكان على اختلاف دياناتهم وطوائفهم.
دمشق , دمشق المدينة الوطن , بوابة التاريخ العتيق , أقـدم مدينه خطى فيها البشر في العالم وأقدم عاصمة مستمرة للحضارات في التاريخ , عاصرت كافة الحضارات منذ بداية التاريخ الحضاري للإنسان وظهر اسمها في كل مخطوطات الحضارات القديمة , في وثائق آراميه وآشوريه وأكاديه وحيثية وبابليه وفارسيه وفينيقية وفرعونية ورومانيه ويونانيه والكثير غير ذلك.
ذكرت هذه المدينة الخالدة في كل الحضارات القديمة , من ذلك جاء أسمها في ألواح الملك الفرعوني تحتمس الثالث بلفظ ( تيماسك) و ورد اسمها في ألواح تل العمارنة (تيماشكي) وفي النصوص الآشورية ذكر الاسم ( دا ماش قا ) وفي الوثائق الآرامية (دارميسك) وتأتي هذه الكلمة بمعنى الأرض المروية أو المسقية , وذكرت في الكثير من الآثار المختلفة البابلية والفينيقية والرومانية واليونانية والفارسية والآرامية وذكرت في العصور العربية والإسلامية بأسماء (الفيحاء) و(جـلـق ) و(الشام) , والجدير بالقول أنها ذكرت أيضاً في مخطوطات مملكة ماري السورية كأحد أقدم الحضارات التي ذكرتها باسم بلد (دماصي).
لمدينة دمشق العريقة تاريخ يرتبط فيه التاريخ بصلات وثيقة , فهي واقعياً قديمة بقدم الإنسان وعاصمة سياسية للكثير من الممالك والحضارات والإمبراطوريات والدول التي عاشت وظهرت في الشرق والغرب, كانت موطناً للآراميين في أواخر الألف الثاني الميلاد , وتتابع على حكمها عبر التاريخ الآشوريين والكلدانيون والرومان والفرس وأفتتحها الإسكندر الأكبر عام 333 ق م وبعده أصبحت تابعة للمملكة السلوقية . أحتلها الإمبراطور الروماني بومبي الأكبر عام 64 ق م . وغدت أهم مدينة في العصر الروماني , أمست في ذلك الوقت أهم مركز للمسيحية في العالم بعد أن دخلتها المسيحية في سنواتها الأولى في بدأ انتشارها , ثم أصبحت فيما بعد مركزاً مسيحياً ذا أهمية كبرى أنار الدنيا بالحضارة ومنها أنطلق القديسين والرسل للنشر والتبشير بالديانة المسيحية منهم القديس بولس. تعلق تاريخ دمشق بالعالم اليوناني لفترة تقدر بحوالي عشرة قرون , عرفت خلالها ازدهار الحضارة الهلنستية , حيث اختلطت عناصر الثقافة والحضارة اليونانية القديمة مع الحضارة السورية الشرقية وثقافاتها المتعددة وأيضاً مع كل الحضارات التي عبرت بالمدينة الخالدة في كل العصور.
الأجواء الدمشقية طقوس للزمان والمكان والذكرى عند الدمشقيين فلهم عادات وتقاليد واحتفالات وتحولات في النهار والظهر والعصر والليل وعند السهرات يحلو السمر , تجمعهم المحبة بهموم سكناهم في ذات الحاضن الوطن الدمشقي الواحد الذي يحوي الكل ويحتوي التاريخ وترسباته وتخصهم الإشارات اللغوية والحركات التوجيهية التي تميز ثقافتهم المتعددة وأيديولوجياتهم المختلفة عبر لقاءاتهم وتعايشهم الجميل.
أعود وأقول أن رائحة القهوة كانت مفتاح علاقاتي وصداقاتي الإجتماعية ومن هذه النقطة يشرق صباحي الدمشقي مع الدمشقيين.
على الرغم من دخول أطياف العولمة وانفتاح الحياة السورية أليوميه في شكل متسارع إلا أن هناك معالم جميلة وعادات ثابتة لا تتغير في حياتهم أليوميه وتبدأ أول تلك المعالم في الصباح الباكر كل بحسب وقت استيقاظه فتبدأ صباحات أغلب الدمشقيين بفنجان القهوة المقدس مع صوت ساحر وعذب يسمى فيروز هذان التوأمان هما حب الدمشقيين الثابت في الصباح فأينما اتجهت صباحاً ترى وتحس قبل أن تسمع رائحة القهوة وهي تغمر الحارات والبيوت معها صوت فيروز النقي , ترى ذلك على الشرفات و"البلكون" وفوق الأسطح وفي السيارات ووسائل النقل العامة , وفيروز صوت عربي رائع من لبنان في الأصل لكنه سوري العشق ظهر وأنتشر أولاً في الإذاعة السورية في الخمسينات وغنت لكل شيء , غنت لكل أشكال الحياة والبشر غنت لكل الحالات الإنسانية والوطنية يحبها الدمشقيون وتحبهم إلى أقصى حــد.
, ثم يبدأ الدمشقيين يومهم بالتأهب لخوض غمار اليوم بحسب مايفعلونه فربات المنازل ينخرطن في أعمال المنزل أليوميه والنساء العاملات إلى أعمالهم وهم نسبه كبيره هنا في دمشق والرجال إلى أشغالهم اليومية ويبدأ الجيل الشاب بالتعرف على عوالمه الإجتماعية بعد أن أكتشف ثورة الحياة المعرفية والتقنية , وأغلب العائلات الدمشقية لديها وقت محدد للغداء ويكون هذا الموعد أي موعد الغداء هو موعد التباحث والتحاور الأسري والتشاور في أحداث الحياة وتأثيرها على العائلة وتكون الأم الوطن هنا بالنسبة للعائلة قد انتهت من إعداد الطعام الخاص بالغداء من بين المئات من الأكلات الدمشقية الشعبية المتعددة واللذيذة التي لا تشبه أي طعام في العالم.
ومساءً بعد يوم دمشقي يسير إلى آخره تحلو السهرات في الليل برفقة الأصدقاء والأقارب وتجتمع العائلات ويلتقي الأصحاب ويصدح بأغلب الأوقات صوت أم كلثوم الصوت النسائي الكلاسيكي العريق وهي المطربة التي كانت بمثابة ملكة للغناء ويطلق عليها لقب" كوكب الشرق" , ويختلط في هذا اليوم الدمشقي كل السكان على اختلاف هوياتهم وأديانهم فلا فرق هنا بينهم ,وتمتاز العلاقات الإجتماعية في دمشق بالتفاعل الكبير بين شرائح المجتمع على كافة الأصعدة.
تحدثت هنا عن يوم عادي لدى الدمشقيين غير الجمعة التي هي الإجازة الأسبوعية عند المسلمين والأحد الإجازة الأسبوعية لدى المسيحيين ورغم ذلك لاترى أي فوارق أو اختلافات برغم تعدد الطوائف والمذاهب في ذات الدين الواحد بل على العكس هم أي الطرفين يحتفلون بأعيادهم بعضهم سوياً ويهنئون بعضهم ويفرحون لبعضهم ويحزنون مع بعض.
وكنت سعيدة الحظ بأن عرفت بعض الأصدقاء الذين دعوني إلى بيوتهم الدمشقية القديمة الطراز تلك البيوت التي تتميز باسلوب العمارة الدمشقية الشهيرة بطرازها الفريد ويسمى السكان المحليون بيوت دمشق القديمة المبنية على الطراز الدمشقي القديم " بيوت عربية"وهي تمتاز بفناء داخلي واسع تحيطه الغرف وتتوسطه بحرة جميلة ويتكون من طابق أو طابقين فيه الكثير من الفنون المعمارية وتطل على الفناء المليء بأحواض النباتات والأزهار وتتوسطه البحرة الشامية الدمشقية الشهيرة ,
وكم أحببت اللهجة الشامية وقدر حبي لها اجتهدت كثيراً حتى أتقنتها وحتي أنني صرت أغوص أكثر وأكثر مع رائحة القهوة والأصدقاء الدمشقيين كي أفهم المصطلحات الغارقة بالعامية الشامية مثل " شو صار معك" , " شو مشانك " و"فايت بالحيط" و"مو معقول" و"لوين رايح" و" مصيف" و"شو صار فيك "
وقد سألت بعض الصديق الشاعر الدمشقي أنس نشواتي سؤالي عنوان البحث ماذا يعني أن تكون دمشقياً , فأجاب بعد أن صمت طويلاً وسحب أنفاسه وهو غارق بالحنين والمشاعر قرأتها أنا حباً مبرحاً لمدينته الخالدة وقال: أن كون دمشقيآ هو أن أعلم إنني إنسان أحمل التراث والثراء الإنساني بجانب كل حضارات العالم التي مرت على مدينتي مهرجان العشق والياسمين , إن أكون دمشقياً هو أن أعلم أنني في الربيع أخلق شجرة ياسمين على ضفاف بردى وفي الصيف أغدو غيمة دمشقية تحاور قاسيون الجبل الشامخ في قلبها وفي الخريف أحـن إلى كل من عبروا على جسدها واحتضنتهم في أحشائها وفي الشتاء أسكن عند أول بيت عربي في دمشق القديمة حتى أفهم معنى الاطمئنان المواكب للدفء . سألته عن الحياة فيها فأجاب: الحياة في دمشق كالحياة في الجنة , الوطن هو ذاكرة والذاكرة هي المكان والمكان هو الإنسان والإنسان هو سقف دمشق الأسمى الذي لا يبدأ حتى تنتهي المدينة ولا تنتهي حتى يبدأ الإنسان , الحياة في دمشق كالحياة في الحلم كالحياة في دائرة إنسانية وحياتية متواصلة تزهر وتتجدد وتموت وفي دورة حياتها تنجب الأمــل! سألته عن العادات فقال لست ضد العادات بالمطلق ولكن أغلبها مسيء وغير مواكب للحياة العصرية وأفضل انتقاء التقليد المنطقي والمتوافق مع الحياة المدنية والمعتدل والعادل بنظرته إلى الرجل والمرأة على حد سواء.
سألت الصديقة ريــم العثماني ممثلة مسرحية فقالت عن العادات في دمشق : العادات شيء جميل ومع الوقت تحولت إلى تراث ومع ذلك قد نرى عادات سيئة يرفضها الكثير من الناس خاصة من الجيل الجديد لكنها بالمجمل أي العادات والتقاليد من ضمن ثقافة الشعوب , أما عن سؤالي لها عن الحياة اليومية قالت الحياة اليومية تحلو بنا عندما نحبها ونستمتع بها مثلاً شعورنا بالأماكن المحببة إلى قلوبنا كالأسواق القديمة والحارات العتيقة في الشام القديمة والناس والأصدقاء والأصحاب وأكملت إن ضغوط الحياة من أكبر الأشياء التي تسبب سلبيات كبيرة ضد الفرح والإنسان وأهم سلبية برأيها هي عدم القدرة على الاستمتاع بالحياة وأفضل الإيجابيات في المدينة روح المساعدة والأخوة والمحبة الغالبة بين الغالبية من السكان وإن قلت قليلاً في الوقت الراهن.
وكما يقول المثل الدمشقي هنا من عاشر القوم أربعين يوماً صار منهم أنا أقول أني بعد ستة أشهر في دمشق صرت دمشقية بـامتياز.